إن القهوة العربية مشروب ساخن منبه للبشر، كما يندرج لونها بين الأشقر والأسود الداكن مرورًا بالبني حسب درجة تحميص حبيبات البن، كما اشتهر بها أهل شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر فهي لا تحتوي على سكر وتتمتع بمذاق مر.
موطنها الأصلي بلاد اليمن لتنتقل بعد ذلك لأنحاء الدول العربية وتحصل على شهرة ضخمة، اعتاد الناس على تقديمها بالمناسبات الرسمية وغير الرسمية بالإضافة للمناسبات الحزينة والسعيدة، وما يجعلها مميزة احتوائها على نسبة كافيين عالية نتيجة مدة التحميص القليلة لها.
القهوة في الثقافة العربية والشعبية
لعبت القهوة على مر العصور دور محوري لترسيخ الحياة الاجتماعية، لأن فنجان واحد من القهوة قادر على تجاوز المنازعات وحل الخلافات بين القبائل العربية.
كما أنها من أبرز العناصر التراثية للأفراد داخل المجتمعات العربية وبمثابة وسيلة إيجابية لتنشيط الفكر وتعزيز واجب الضيافة، تعمل كذلك بدور فعال للتواصل الاجتماعي بين الجماعات والأشخاص.
رمز القهوة العربية لدى العرب هو التفاخر والكرم، حيث تقدم للزائر ترحيبًا به وقد لاقت احترامًا عند شاربيها، فضلًا عن دخولها المألوف في الحياة اليومية وأيضًا المعتقدات الشعبية.
تاريخ نبات “البن” مليء بكثير من الأساطير والروايات الغريبة وقد تناقله الناس على مر العصور كمسلمات، فهناك أساطير تقوم أن النبي داود أول من وقف على خواص ثمرة الشجرة.
والبعض الآخر يقول بأن رئيس دير في الجزيرة العربية هو من استدل على روعة وقوة ثمرة البن، لتذهب أقاويل أخرى بأن راعى يدعي “كلدي” هو من لاحظ نبات القهوة وقام بتجفيفه وصنع شراء منه.
تاريخ القهوة عند الأحباش
يحدثنا التاريخ بأن أهل الحبش كانوا يتناولون حبوب البن نيئه دون طبخها، ثم تطور الأمر فباتوا ينقعون حبوب البن ويتناولونها بعد التقشير حتى منتصف القرن التاسع الهجري.
لطالما عشقها الأشخاص لمذاقها الرائع ونكهتها القوية الاستثنائية، كما يفضل البعض تناولها بجانب حبات التمر السعودية، وقد انتشرت في بلدان العالم أجمع ليس فقط العربية.
انتشار القهوة العربية في العالم
قديمًا استخدم أهل اليمن بذور البن بعد تحميصها لعلاج عدة أمراض صحية، بعد ذلك بدأوا في تناولها كمشروب أساسي يضاف إليه حبات الهيل والسكر حسب الرغبة لتكتسب طعم حاد مر.
وفي ترجمة أبو بكر الشاذلي قال أنه مبتكر القهوة المأخوذة من حبوب البن اليمني بأوائل القرن العاشر عندما مر على شجر البن أثناء رحلته في اليمن، وقد أيقن فوائدها عظيمة.
ثم أخذ العرب القهوة من اليمنيين لتنتقل إلى الأتراك ودول أوروبا بعدما أطلقوا عليها اسم “كاهقا” بلكنتهم، وتشير المعارف الإسلامية أن انتشار القهوة لدى استانبول والروم كان في عهد السلطان سليمان القانوني.
أسس أول مقهى لها في استانبول بالعام 962 هـ لرجلين إحداهما دمشقي والأخر حلبي، وسمي المكان باسم “مدرسة العلماء”.
على الرغم من اختلاف المؤرخون في تاريخ وصول القهوة إلى أوروبا، لكن الراجح بأنها وصلت لدولة هولندا في القرن السادس عشر ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية بالعام 1717م باسم “coffee”.
ثقافة شرب القهوة عند العرب

تعتمد القهوة على حاسة التذوق فقبل تناولها تقدم للجميع في فناجين مع حبات التمر، كما يتأكد صانع القهوة أولًا من مذاقها ليتقدم حامل بيده اليمنى الفنجان وبيده اليسرى الدله.
يصب صانع القهوة لشيخ القبيلة أولًا ثم ضيوف القبيلة وبقية الرجال بداية من الجهة اليمنى، كما يستمر صانعها في صبها إلى أن يشرب جميع الحاضرين منها.
بعد أن يرتشف أحد الرجال فنجان أو عدة فناجين منها يحرك يده في كل الاتجاهات عدة مرات ثم يمد يده اليمني إلى صانع القهوة ليشعره بأنه اكتفي، عندها يتوقف صانع القهوة عن صبها لهذا الرجل، جدير بالذكر أن صاحب القهوة لا يملأ الفنجان فهي عادة لدى العرب.
فناجين القهوة العربية قديمًا
يقول العرب إن لذة القهوة في تناول ثلاثة فناجين لها تصنيف خاص، فـالفنجان الأول يتخلص من النعاس ويجعلك متحفزًا ويقظًا، الفنجان الثاني يزيدك شجاعة، والفنجان الثالث يتخلص من الصداع والاختلال لتشعر بالنشاط العقلي.
في مضايف عرب الشام جعلوا ترتيب الفناجين الثلاثة على النحو التالي:
فنجان الضيف
إنه فنجان الترحيب بالزوار فهو حق لأي شخص منهم، كما لا بد من شرب هذا الفنجان إلا بوجود مشكلة صحية، ففي حال اكتفى الضيف بفنجان واحد هزه مع الدعاء وشكر صاحبه، وفي حال لم يهزه يصب إليه فنجان آخر.
فنجان الكيف
من يشربه يوصف بأنه صاحب كيف وعاشق للقهوة، بالتالي يكون ونيس للمضيف أثناء الطرب بالجلسة.
فنجان السيف
الفنجان الثالث الذي يُمنح للضيف دون فاصل بينه وبين الفناجين السابقة، سمي بهذا الاسم لأن شربه يدل بأن شاربه صار جزءًا من القبيلة التي نزل بها ويشاركهم سيفه إن تعرضوا للخطر.
القهوة العربية والتركية والإفرنجية

كان العرب يشربون منقوع البن لتطور طرق إعداده إلا أنه ما زال مر المذاق، لم يضيفوا إليه شيئًا سوى الزنجبيل أو القرفة وحب الهال، ليجد الأتراك طريقة أخرى لصنع القهوة وهي إضافة السكر حتى سميت بالقهوة التركية.
من القهوة التركية أخذ المصريون قهوة سكر زيادة أو على الريحة أو مضبوطة، أما عن الأمريكان والأوربيين فقد تناولوها بالماء المغلي كطبيعة الحال في الشاي لتسمي بالقهوة الإفرنجية، فضلًا عن اكتشاف عدة فوائد صحية لها كالآتي.
فوائد القهوة العربية بالهيل
للقهوة المستخلصة من حبوب البن المطحون عدة فوائد، لعل من أهمها ما يلي:
- تنشيط الجهاز العصبي والعمليات العقلية.
- رفع نسبة الانتباه والتركيز على مدار اليوم.
- فقدان الشهية للتخلص من الشراهة وإنقاص الوزن.
- الحد من انقباضات العضلات بعد ممارسة الرياضة.
- التحكم في النعاس أثناء فترات الصباح.
- ضبط معدلات السكر بالدم خاصة لدى مرضى السكر.
- رفع معدلات الأنسولين في الجسم.
- الوقاية من بعض أنواع السرطان لاحتوائها على مضادات الأكسدة.
- تقليل انزيمات الكبد والحماية من سرطان الكبد.
- تقوية الجهاز المناعي وتعزيز وظائفه.
- حماية الشخص من نوبات القلب المفاجئة.
- حرق الدهون الزائدة الموجودة على الشرايين.
- الحماية من الإصابة بسكتة دماغية.
- تنشيط الدورة الدموية.
- تنظيف المعدة وعلاج مشكلات الإسهال والقيء.
- الحد من ظهور علامات الشيخوخة المبكرة.
- تحسين صحة المسالك البولية وحمايتها من الإصابة بالأمراض.
تقاليد صنع القهوة العربية
- إضافة حبوب البن في محماس على النار.
- تحميص حبوب القهوة وتقليبها بصورة جيدة لتحميص كافة الحبوب.
- أثناء التحميص يجب الانتباه حتى لا تحترق الحبوب.
- عند تغير لون الحبوب إلى البني الأشقر مع انتشار الرائحة المميزة فإن عملية التحميص انتهت.
- الآن يجب إضافة الحبوب في النجر للحصول على مسحوق ناعم.
- إضافة المسحوق الناعم في دله على النار بها قدر ماء ويضاف إليه قليل من الهيل لمذاق أفضل.
- بعد ذلك تصب في دله المصافي لتصفيتها من الشوائب، ثم إضافتها في فناجين صغيرة الحجم.
ما هو الفرق بين القهوة العربية والتركية؟
القهوة العربية تمتاز بلونها الفاتح المصنوع من حبات البن المحمصة على درجة متوسطة.
أما القهوة التركية مصنوعة من بن محمص لذا يميل لونها إلى البنى الداكن والأسود.
هل القهوة العربية هي نفسها القهوة الخضراء؟
نعم، لأنها تكون خضراء في الأصل ويتم تحميصها على درجة متوسطة للحصول على اللون الأشقر.
كم فنجان قهوة عربية مسموح في اليوم؟
أقصى حد من الجرعة الموصي بها يوميًا من 3 إلى 4 فناجين فقط.